بروتوكولات المقاومة الكمومية لأدلة المعرفة الصفرية لتعزيز أمن البلوكتشين

Dec 23, 2021
Quantum resistant Protocols for Zero-Knowledge Proofs to Strengthen Blockchain Security

ورقة علمية: تحسين أدلة المعرفة الصفرية القائمة على الترميز باستخدام التصنيف المتري

المؤلفون: إيمانويل بيليني، فيليب غابوريت، ألكسندروس هاسيكوس، فيكتور ماتيو


قام الباحثون في معهد الابتكار التكنولوجي في دولة الإمارات العربية المتحدة بتحسين جدوى إحدى الفئات الجديدة من الخوارزميات لحماية تطبيقات البلوكتشين من هجمات تشفير الحوسبة الكمومية. ويعتمد ذلك على البحث الكبير الذي يقوم به حالياً مجتمع التشفير لتطوير بروتوكولات أفضل من أجل رفع كفاءة أدلة المعرفة الصفري

ة.

وقد حظي مجال التشفير المتخصص باهتمام كبير نظراً لاستخدام أدلة المعرفة الصفرية على نطاق واسع في تقنيات مختلفة مثل البلوكتشين والعقود الذكية والتحقق من الشخصيات. وقد تضمنت الأساليب الأكثر شيوعاً في هذا المجال استخدام حسابات المصفوفات. ومع ذلك، هناك قلق من أن الأبحاث المستقبلية قد تجد طرقاً جديدة ومحسنة للتغلب على هذه البروتوكولات وتجاوزها. لذلك، دائماً ما يبحث الباحثون عن بدائل جديدة لتوفير أنواع متعددة من الحماية ضد هجمات التشفير المستقبلية.

الحاجة إلى أساليب بديلة

تعتبر الأنواع المختلفة من المشكلات المقاومة للكم، والخوارزميات القائمة عليها آمنة في الوقت الحاضر، لأنه لم يتمكن أحد من إثبات هجوم كمبيوتر كمومي موثوق ضدها. قال إيمانويل بيليني، خبير التشفير الرئيسي في معهد الابتكار التكنولوجي: ""نحن في المراحل الأولى لفهم ما هو مقاوم للكم وما هو غير مقاوم للكم. الأسلوب الأكثر أماناً هو بناء مخطط مقاوم للكم بناء على العديد من المشكلات المختلفة بحيث إذا تم كسر أحدها، فلا يزال هناك أمل في ألا تكون المشكلات الأخرى كذلك.

معظم ذلك العمل على البروتوكولات المقاومة للكم لإثباتات المعرفة الصفرية كان يعتمد على المشابك (lattices). تعتبر المشابك مرنة للغاية وهي واحدة من أكثر الهياكل الرياضية المشفرة مرونة والتي يمكن استخدامها في جميع المجالات. وركز فريق معهد الابتكار التكنولوجي على بدائل المشابك استناداً إلى مشكلات فك تشفير متلازمة التصنيف (Rank Syndrome Decoding)، والتي لا تزال بحاجة إلى مزيد من البحث لجعلها حلاً موثوقاً به على الرغم من أنها تعتبر من الحلول الواعدة.

يعتبر علم التشفير اشبه بلعبة القط والفأر، حيث يبحث الباحثون باستمرار عن حلول محسّنة لكسر البروتوكولات وطرق أكثر فعالية لتطبيقها. حتى أنه ليس من الضروري كسر الأسلوب بالكامل لخفض جاذبيته. وقال بيليني، ""إذا اكتشف شخص ما هجوماً على مشكلة المشبك (lattice problem) التي تعمل على تحسين مستوى الأداء في الهجوم السابق بشكل طفيف، فهذا يعني أن معلمات الشبكة يجب أن تصبح أكبر، ومن ثم ستصبح الطرق الأخرى أكثر فعالية نسبياً.""

أهمية أدلة المعرفة الصفرية

أصبحت ""المعرفة الصفرية"" في السنوات الأخيرة الكلمة الأكثر شيوعاً في أوراق التشفير المقدمة في المؤتمرات والأبحاث. وقد تزايدت شعبية هذه البروتوكولات استجابة للاهتمام بموضوع البلوكتشين بما أنه الاستخدام الأكثر شيوعاً لتطبيق هذه البروتوكولات. ويكمن الهدف من هذه الاستخدامات في نكون قادرين على إثبات صحة العبارة دون فهم بقية البلوكتشين للمعلومات حول التبادل. غالباً ما تُستخدم أبسط تطبيقات بروتوكولات المعرفة الصفرية للتحقق من الهوية.

ويقوم بروتوكول دليل المعرفة الصفرية بتنظيم التفاعل بين طرفين أحدهما هو المثبت (prover) والآخر هو المتحقق (verifier). حيث يتبادل الطرفان المعلومات، وبعد ذلك، يمكن للمثبت تأكيد صحة المعلومة، مثل ما إذا كان لدى شخص ما يكفي من المال في محفظة بلوكتشين لتنفيذ معاملة ما دون معرفة القيمة الإجمالية في المحفظة. ويتم ذلك أيضاً بطريقة تحافظ على خصوصية المعلومات وعدم اطلاع أي طرف خارجي عليها.

في بداية الأمر، كان مجتمع أدلة المعرفة الصفرية يركز على استخدام خوارزميات التشفير الكلاسيكية بناءً على السجلات المنفصلة أو مشكلات التجزئة إلى عوامل. ومؤخراً، بدأ المجتمع المتخصص باستكشاف أدلة المعرفة الصفرية المقاومة للكم.

لم تكن الخوارزميات الكلاسيكية فعالة، وكانت التطبيقات المقاومة للكم أقل فعالية لأنها تتطلب مفاتيح أكبر. كما تتطلب أيضاً معلمات أكبر مثل حجم الدليل، وعدد البتات التي يلزم توصيلها بين المثبِت والمتحقق، ومقدار العمل الذي يتوجب على كل طرف القيام به لبناء الدليل. قد تستغرق هذه البروتوكولات المقاومة للكم دقائق أو ساعات للتشغيل، بينما تستغرق بضع ثوانٍ في البروتوكولات المبنية على الخوارزميات الكلاسيكية.

مشكلة فك تشفير متلازمة التصنيف (Rank Syndrome Decoding)

قام الباحثون في معهد الابتكار التكنولوجي بدراسة مشكلة فك تشفير متلازمة التصنيف، وهي تطور لتقنية أخرى تسمى مشكلة فك تشفير المتلازمة (Syndrome Decoding). وقد شملت تقنيات الكم الشائعة الأخرى مشكلة أقصر المتجهات، ومشكلة نظام التشفير مفتوح المصدر (NTRU)، ومشكلة (isogenies)، والمشكلة التربيعية متعددة المتغيرات.

تنظم هذه الفئات المختلفة من المشكلات الأرقام في بنية معينة هي الأنسب للتحقق من دليل المعرفة الصفرية المبني على رأس المشكلة. تعتبر مشكلات المتجه الأقصر ونظام التشفير مفتوح المصدر متشابهتان، وتستخدمان المشابك لترميز الأرقام لحساب حل المشكلة. تستخدم المسائل متعددة المتغيرات نظاماً متعدد الحدود لتنظيم العملية الحسابية. بينما تستخدم مشكلة فك المتلازمة ترميزاً خطياً. هناك تشابه بين مشكلة فك تشفير متلازمة التصنيف ومشكلة فك ترميز المتلازمة، إلا أن الأولى تعد أكثر كفاءة في تنظيم الشيفرات الخطية. قال إيمانويل بيليني، خبير تشفير رئيسي في معهد الابتكار التكنولوجي: ""مشكلة فك تشفير متلازمة التصنيف ليست شيئاً اخترعناه حديثاً. ومع ذلك، فهي أحدث مشكلة من مشكلات فك المتلازمة والمشابك، لذا فقد حظيت بأقل قدر من الدراسات"".

أكثر كفاءة وقابلية للتكيف

قام باحثون في معهد الابتكار التكنولوجي برفع كفاءة فك تشفير متلازمة التصنيف، كما قاموا بتنفيذه بطريقة أكثر قابلية للتكيف مع الاستخدامات المختلفة. حيث يعتبر تنفيذها أصغر بنسبة 60٪، كما تعتبر المعلمات أصغر حجماً بنسبة 1٪ مقارنة بتنفيذ فك تشفير المتلازمة الحديث لدليل معين. كما أنه أسرع بشكل كبير، حيث يمكنه حل دليل معياري واحد في فترة زمنية تبلغ 47 مللي ثانية، بينما يستغرق ذلك 5000 مللي ثانية لفك تشفير المتلازمة.

من بين العناصر الأساسية لهذا البناء الجديد هو مخطط الالتزام، الذي يحتاج بشكل أساسي من أحد الأطراف الالتزام ببيان ما، مثل تنفيذ عمل ما بقدر معين، والذي يمكن التحقق منه لاحقاً كجزء من المعاملة.

وقد أظهر الباحثون في معهد الابتكار التكنولوجي أيضاً كيف يمكن دمج مخطط الالتزام هذا في أي نوع من الدوائر، وهو ما يعد عنصراً أساسياً في معاملات التشفير. في أحد الأبحاث السابقة، تمت دراسة كيفية تطبيق بروتوكول فك تشفير متلازمة التصنيف على مخططات التوقيع على أساس بروتوكولات تحديد الهوية باستخدام أدلة المعرفة الصفرية. ومع ذلك، فإن البحث الذي قام به معهد الابتكار التكنولوجي هو أول بحث يعرض كيفية تطبيق بروتوكول فك تشفير متلازمة التصنيف على أي دائرة افتراضية يمكن استخدامها عبر العديد من التطبيقات المختلفة.

تشبه الدائرة الافتراضية في التشفير الدائرة الكهربائية في شريحة كمبيوتر يتم فيها دمج البتات منطقياً باستخدام بوابات تقوم بتنفيذ عمليات منطقية مثل تنفيذ عبارات ""و"" و ""أو"" و ""ليس"" (AND) و (OR) و (NOT). وقال بيليني: ""إذا كان لديك ما يكفي من هذه البوابات، بإنه بإمكانك بناء أي وظيفة"".

يتزايد حجم الدليل المطلوب للتحقق من البيانات بمعدل شبه خطي. وهذا يعني أن البيانات الأكبر تحتاج مزيداً من الحسابات لإثباتها، إلا أنها ليست بالقدر المطلوب إذا تزايد حجم الدليل بنسب أو معدلات تربيعية أو أسية.

خفض احتمالية الغش

إن إثبات المعرفة الصفرية ليس هو نفسه الدليل الرياضي. الدليل الرياضي هو عملية حتمية تسمح لشخص ما بتأكيد ما إذا كانت العبارة صحيحة أم خاطئة بناءً على افتراضات معينة. أما دليل المعرفة الصفرية فهو دليل احتمالي يتم فيه إثبات البيان بدرجة معينة من الاحتمالية. يُطلَق على احتمالية ارتكاب الخطأ نسبة الخطأ (soundness error) أو احتمالية الغش (cheating probability) لأنه يمثل خطورة قيام شخص ما بالغش دون اكتشافه.

ويمكن جعل هذا الخطأ صغيراً قدر الإمكان بتكرار الحساب عدة مرات. تبلغ احتمالية الغش الحالية في التطبيق اثنين على ثلاثة (2/3) في التمريرة الأولى، وهذه النسبة غير كافية لإقناع المتحقق. ومع ذلك، من خلال تكرار الدليل 219 مرة، ينخفض احتمال الغش إلى واحد على ألفين ومائة وثمانية وعشرين (1/2128) وهذه النسبة منخفضة للغاية. وقال بيليني ""في الحقيقة، فإن احتمالية حدوث هذا الخطأ أقل من احتمالية سقوط نيزك فوق رأسك مساء اليوم"".

تركز الأبحاث المستقبلية على كيفية خفض نسبة الخطأ في عناصر البناء الرئيسية بشكل أكبر. ولكن يجب الحذر في التعامل مع ذلك، لأنه قد يقلل من نسبة الخطأ بواسطة بناء دليل أطول بكثير يستغرق وقتاً أطول للتنفيذ. ويتوقع بيليني أن هذا ممكن نظراً لوجود أمثلة موجودة بالفعل لتقليل نسبة الخطأ من (2/3) إلى (1/2) عند استخدام فك تشفير متلازمة التصنيف في بروتوكولات التعريف. وهذا يعني أن الباحثين سيكونون بحاجة إلى تكرار العملية 128 مرة فقط بدلاً من 219 مرة!"